استراتيجيات خلق فرص العمل في أوقات الشدة

 

خلق وظائف

يمثل خلق فرص العمل مصدر قلق بالغ لبلدنا الحبيب . بالنسبة لنا  فمن الأهمية خلق فرص عمل مستدامة من شأنها أن تساهم الاقتصاد السعودي خلال الـ 5 الى 10 سنوات القادمة. ولكن كيف يمكننا تقديم الدعم الفعال لهذه المبادرات الإصلاحية العظيمة؟

في البداية، دعونا ننظر الى ما فعل الاخرون. اتخذنا مثالين -ألمانيا والماليزية- لتسليط الضوء على الخطوات الرئيسية التي تم اتخاذها لدعم إنشاء وظائف.

 

ماليزيا

بين عامي 2004 و 2014، عانت ماليزيا نسبة عالية من البطالة، وتحديدا في أوساط الشباب والمؤهلين فى الفئة العمرية (15-29 سنة) والتي تمثل حوالي 50 في المائة من مجموع معدل البطالة.

في المراحل الأخيرة من العقد، تمكنت الحكومة الماليزية من التغلب على تلك الأزمة عن طريق تأمين عدد كبير من فرص العمل في خدمتي الاستثمار و التصنيع.  ويشمل قطاع الخدمات على التجزئة، التمويل، العقارات والمرافق والصناعة الترفيه.  وكنتيجة مباشرة، فإن النسبة المئوية من إجمالي البطالة قد انخفض بنسبة 52 في المائة في عام 2008.

الجدير بالذكر ان المنشأت (الصغيرة والمتوسطة) في ماليزيا تمثل حوالى 99 في المائة من مجمل  صناعات الدولة. فقد وفرت الحكومة قروضا لتلك المنشئات بشروط ميسرة. مما شجع للمنشأت المبتدئة لتزدهر وتصبح ناجحة.   بالإضافة الى ذلك فقد استثمرت الحكومة المالزية في البنيه التحتية و بشكل خاص في تحديد صناعة النقل الجوي و تحسين المواني و تطوير البنيه التحتية للشحن. وكان تركيز هذه التحسينات لزيادة البناء في هذه المناطق له تأثير واضح فى تحقيق زيادات غير مباشرة في مجالات الهندسة والتمويل والسياحة.

القطاع الصناعى هو مفتاح اخر لخلق فرص عمل أكثر. فهو يوفر ما يقارب من 30 في المائة من القوة العاملة بأكملها في ماليزيا. فحاليا في قدرة القطاع التجارى تتزايد بزياده قدرة القطاع الصناعى، مما يعطى وضوحا اكثر لزيادة فرص العمل في الصناعات التحويلية. و القطاعات الرئيسية في الصناعة التحويلية التي ساهمت في العمل على نطاق واسع. ومنها التجارة الإلكترونية وتصنيع الصلب.

بالإضافة إلى ذلك، استثمرت ماليزيا بشكل كبير في ما يسمى “التكنولوجيا الجديدة”.و تركيز التكنولوجيا الجديدة هوتحسين العالم من حولنا ببراعة ومن استثماراتها الهندسة الحيوية، وعلم الوراثة والأتصالات وصناعات تكنولوجية فيها بكثافة لتحسين العمل.

 

ألمانيا

بينما كان ثلث القوة العاملة في بلدان أوروبية مثل إسبانيا واليونان بدون وظائف، كانت ألمانيا تتمتع بطفرة هائلة في العمل منذ إدخال مجموعة من السياسات منذ عام 1960. هذه السياسات غيرت تماما في وجه العمالة في ألمانيا، والنتائج التي نراها اليوم هى الاكثرايجابية.

شهدت ألمانيا إصلاح شامل في سياسات التوظيف في أواخر 1960 مع إدخال (سياسات سوق العمل النشطة). فالرؤية الرئيسية لنموذج (سياسات سوق العمل النشطة) بسيطة للغاية و هى– تغير وضع أكبر عدد من العاطلين عن العمل إلى عالمين فى اقرب وقت ممكن.

كان وضع العمل فيها يعرف وقتها بألمنيا الشرقية و الغربية في حال يرثى لها. كانت محاوله تغير الوضع وارجاع الناس الى سوق العمل هدفا رئيسيا لتحسين الاقتصاد.ان سياسات العمل النشطة كانت يجب ان تتحسن مع مرور الوقت من اجل زيادة فرص العمل.

و كان من بين الاصلاحات المهمة على (سياسة سوق العمل النشطة) إدخال برنامج خلق فرص العمل. الذي أستهدف أولئك العاطلين عن العمل لمده طويلة و أولئك الذين يصعب توظيفهم. وبموجب هذه الخطة فرضت ألمانيا على ذوي الأجور المتدنية استقطاعات من اجل المساهمه في الضمان الاجتماعي. وقد كان هذا الاشتراك يستقطع من مباشرة من راتب الموظفين. وفي وقت من الاوقات كانت هذه الخصومات عالية ومقاربه جدا لضريبة الدخل. والنتيجة المباشرة لهذه تعني ان الكثير من الناس كانوا في الواقع في وضع أفضل إذا لم يكن لديهم وظيفة من لو كان لديهم وظيفة منخفضة الأجر. وكانت النتيجة غير المباشرة لهذا أن سوق العمل أصبح راكدا لعدم رغبة الناس في دخول سوق العمل. فلم يكن يستحق كل هذا العناء.

قبل إدخال برنامج خلق الفرص كان اولئك الذي تم تسجيلهم كعاطلين عن العمل يحصلون على فوائد و مبالغ من الضمان الاجتماعي. وبالإضافة إلى ذلك كان الكثير منهم يتلاعبون بالنظام و يقومون بالعمل مع استلام فائدة. وهذا ما أدى إلى إدخال برامج خلق فرص العمل الأخيرة في ألمانيا التي أظهرت تحسنا ملحوظا في التوظيف منذ عام 2003.

وبما أن الحوافز الاجتماعية ليست فعالة في دفع فرص العمل، قررت الحكومة الألمانية تفعيل “خطة عمل وطنية لسياسة العمالة” في أواخر عام 2003.

تناولت السياسة العديد من المجالات مثل التدريب المهني، وتعزيز نظام التعليم، وتحويل العمل غير المعلن الى عمل نظامي، مع التركيز على الفوارق الإقليمية، وخلق خيارات التمويل لأصحاب المشاريع والشركات الجديدة جنبا إلى جنب مع العديد من المبادرات الأخرى. ومع ذلك، كان العوامل الأكثر فعالية لمعدل العمالة الألمانية هي دعم المنشأت الصغيرة والمتوسطة و تمويل المنشأت المبتدئة وتنظيم الأعمال التجارية غير الرسمية.(مثل اعمال الصيانه الحره.)

لقد ساعد التركيز على رفع القيود وتحفيز أصحاب المشاريع الجديدة لإنشاء ودعم سوق العمل في خلق 29،000 أعمال مستدامة جديدة في أقل من 3 سنوات. سهلت هذه السياسة على الوافدين الجدد برنامج تأسيس منشأت جديدة من خلال تقديم الدعم لهم من خلال الحوافز الضريبية ، وكذلك سهولة إعداد الأعمال. صممت ألمانيا “القروض المتخصصة KFW”- ​​لرواد الأعمال وقدمت المزيد من الدعم من خلال ‘unternchmerkapital’ الذي هو مزيج من التمويل المصرفي التقليدي والتمويل رأس المال الاستثماري للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

و كان قطع البيروقراطية الروتينية لأصحاب المشاريع وشبه المهنيين (السباكين والكهربائيين الى اخره) ادى الى تحفيز العديد من الألمان للدخول إلى سوق منظم جديد.

اليوم،يوظف قطاع المنشأت الصغيرة والمتوسطة أكثر من 29.5 مليون شخص (حوالي 68٪). لقد ساهم هذا القطاع في المحافظة على الاقتصاد -بنسبة 53٪. خلال الفترات 2008-2011، لقد خفضت الشركات الممتازة في ألمانيا العمالة لديها بنسبة 2.4٪ في حين زادت قطاع الشركات الصغيره و المتوسطة التوظيف لديها بنسبة 1.6٪.

 

المملكة العربية السعودية

بصرف النظر الوضع الحالي، فإنه من الواضح أن دعم وتحفيز المنشأت الصغيرة والمتوسطة والخدمات شبه المهنية من خلال رفع القيود هي المحرك الرئيسي للنمو المستدام في المملكة.

فماذا علينا أن نفعل؟

لدينا العديد من مبادرات دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يجب تنسيقها تحت مظلة أكبر. الاستراتيجية الوطنية للمنشأت الصغيرة والمتوسطة بها نخلق فرص العمل هدف رئيسي و تركز على تطوير نظام شامل يعالج السياسات والتمويل والتكنولوجيا وديناميكيات السوق ورأس المال البشري والثقافة لتفعيل الرخاء الازدهار.

 

طارق لنجاوي

الرئيس التنفيذي

مشورة المتحدون